شغل المرسوم التشريعي الذي أصدره الرئيس بشار الأسد قبل أيام حول منع التدخين في الأماكن العامة حديث الشارع السوري من حيث آليات تطبيقه والعقوبات المترتبة على المخالفين والآثار الإيجابية التي يولدها المرسوم .
وكان أصدر الرئيس بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 62 للعام 2009 القاضي بمنع التدخين وبيع منتجات التبغ وتقديمها في الأماكن العامة قبل يومين ( الأحد الماضي ).
و تضمن المرسوم حظر إنتاج وتصدير واستيراد وبيع الحلوى والأغذية وألعاب الأطفال المصنعة على شكل يشبه منتجات التبغ وعبواته كما ينص على منع الإعلان والدعاية عن منتجات التبغ وتعاطيه ، حيث وضع المرسوم عقوبات محددة بحق كل من يخالف احكامه . على ان يبدأ تنفيذ القانون بعد ستة اشهر من نشره .
و قال " حسام " وهو مدير تسويق في إحدى الشركات الخاصة (غير مدخن ) لـ عكس السير " كنا نعاني في الأيام السابقة من تلوث الهواء في معظم المطاعم ، كما كنا نشاهد أطفالاً دون الثامنة عشر يرتادون بعض المقاهي ويشربون " الأركيلة " الأمر الذي منعه المرسوم ، كما كنا في السابق نجبر على التدخين كمدخنين سلبيين الأمر الذي من المفترض أن ينتهي ".
و يؤثر التدخين السلبي مباشرة على صحة غير المدخنين ويؤدى إلى العديد من الأمراض ، و صنفته وكالة حماية البيئة الأمريكية ضمن قائمة ملوثات من الدرجة "أ" .
و يعانى المدخنون السلبيون من نفس الأمراض التي تصيب المدخن حيث تصيبهم أمراض ضيق التنفس والتهاب الشعب الهوائية والربو والتهاب الأذن الوسطى .
و بحسب دراسة سويدية فان مستويات النيكوتين في أجسام أبناء المدخنين و المدخنين السلبيين تكون أعلى من المستويات العادية بخمسة عشر مرة وأظهرت الدراسة أيضا أن الأشخاص الذين يعيشون مع مدخنين معرضين أكثر من غيرهم للإصابة بضعف في العظام.
و تؤكد أيضا دراسات أمريكية أجراها البروفيسور " أولريش كايل " من جامعة مونستر الألمانية أن السجائر و " الأركيلة " تبعثان نفس كمية النيكوتين إلى الرئتين ، مع الفارق فى أن مدخني " الأركيلة " يستنشقون كميات أكبر من غاز أول أكسيد الكربون وكميات من القطران تزيد 20 مرة على القطران الذي يتسرب عادة من السيجارة.
و هذا يعني أن " الأركيلة " تسبب سرطان الرئة بقوة تفوق قدرة السجائر.
سوريا ومشوار مكافحة التدخين ..
و عن مكافحة التدخين في سوريا قال المحامي علاء السيد لـ عكس السير " بدأت مكافحة التدخين في سوريا عام 1996 م عندما صدر قانون يمنع الاعلان و الدعاية عن التبغ بكافة اشكاله تحت طائلة الحبس من اربعة اشهر الى ستة و الغرامة .و طبق هذا القانون بشدة ".
و بعد ثمان سنوات في عام 2004 م صدر بداية قرار من مجلس الوزراء بمنع التدخين في مقاهي الانترنت ولم يطبق بشكل فعلي .
و في ذات العام انضمت سوريا لاتفاقية منظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ على ان يبدأ تنفيذ الاتفاقية بعد عام من التوقيع عليها .
وتابع السيد " بعد عامين من توقيع الاتفاقية في عام 2006 م و تطبيقا لبنودها صدر قرار وزاري من وزارة الادارة المحلية بوضع لافته بارزة بمنع التدخين في وسائل النقل العامة و المصاعد و دور السينما و المراكز الثقافية و الحدائق العامة و الغابات فقط ( لم يتضمن المنع ، التدخين في المطاعم ) على ان يعاقب العاملون في هذه الاماكن حصرا دون بقية الاماكن العامة بعقوبة التنبيه و الانذار و تأخير الترفيع و حسم الراتب ".
وأضاف " أما المواطنين العاديين الذين يدخنون في المسارح و وسائل النقل و المراكز الثقافية و الغابات و غيرها فيعاقبوا بالغرامة 500 ل س لمخالفتهم الانظمة الادارية او بالسجن من 24 ساعة الى ثلاثة اشهر و لم يطبق هذا البند الاخير فعليا " .
واستطرد " كما منع القرار الوزاري بيع منتجات التبغ لمن هو دون 18 سنة و منع بيع السجائر بالمفرق ( فرط كما يحدث على البسطات ) ، و منع عرضها على رفوف المحلات بحيث يصل اليها المستهلك مباشرة تحت طائلة الغرامة 500 ل س لم يتم تطبيق هذا البند فعليا ".
و بعد عامين من القرار الوزاري و في عام 2008 صدر مرسوم تشريعي خاص بتعديل قانون السير ليتضمن فقرة تقضي بالغرامة 2000 ليرة و حسم نقطتين للتدخين ضمن وسائل النقل العامة .
و اعدت وزارة الصحة مشروع قانون لمكافحة التدخين ، أقره مجلس الوزراء في نهاية عام 2008 و اخيرا أصدر الرئيس المرسوم التشريعي رقم 62 لعام 2009 الذي نص في اهم بنوده :
بمنع التدخين منعا باتا في كافة الاماكن العامة المغلقة من مطاعم و مقاهي مغلقة او في المدارس و الجامعات و المستشفيات و دور العبادة و الغابات و الاندية الرياضية و جميع وسائل النقل العامة و المصاعد الكهربائية و دور السينما و المسارح و المتاحف .
و يجوز في الاماكن التالية ( بشكل حصري وفق المرسوم الأخير )تخصيص مكان خاص مغلق للتدخين : كالسجون و المطارات و محطات الركاب بأنواعها و الدوائر الحكومية .
و يمنع التدخين و تقديم الاراكيل نهائيا في جميع المطاعم و المقاهي المغلقة ، و يجوز للمقاهي و المطاعم تخصيص مساحة غير مغلقة ( أي في الهواء الطلق ) للتدخين تحت طائلة دفع صاحب المحل غرامة قدرها 25000 ل س و يدفع الزبون المدخن غرامة 2000ل س .
و منع المرسوم بيع محتويات التبغ مجزأة (الشراء بالسيجارة الواحدة كما يفعل المراهقون ) تحت طائلة تغريم البائع 6000 ل س كما يمنع المرسوم بيع التبغ للاحداث ( دون 18 سنة ) تحت طائلة تغريم البائع 5000 ل س .
و يمنع نهائيا تقديم الاراكيل لمن هم دون الثامنة عشر.
على ان يبدأ العمل بهذا المرسوم التشريعي بعد ستة اشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أي بدءا من الربيع القادم عام 2010 م.
خمسة ملايين مدخن و 600 مليون دولار سنويا ..
أشارت دراسة رسمية أعدتها المؤسسة العامة للتبغ؛ إلى أن السوريين ينفقون نحو 600 مليون دولار( 26 مليار ليرة سورية ) لشراء السجائر سنوياً. وأوردت نتائج الدراسة أن نحو 15 في المائة من السوريين مدخنون، أي بحدود 3 ملايين نسمة.
وبحسب التقديرات المبدئية فإن المبلغ الذي ينفق على السجائر يكفي لتأمين 1300 مسكن في سورية، بافتراض ان سعر المنزل الواحد يبلغ مليوني ليرة سورية. كما يكفي هذا المبلغ لتمويل أكثر من نصف مشروع السكن الشبابي في كل المحافظات السورية.
ولفتت الدراسة إلى أن المدخنين السوريين ينفقون 8 في المائة من دخلهم السنوي لشراء التبغ، بمعدل 3.6 كيلوغرام من التبغ في العام لكل مدخن.
لكن دراسات غير رسمية أجريت العام الماضي رفعت عدد المدخنين في سورية إلى خمسة ملايين شخص، أي بنسبة 20 في المائة من مجمل السكان في سورية، 60 في المائة منهم هم من الرجال، في حين أن 98 في المائة من غير المدخنين هم من المدخنين السلبيين، و يتعرضون لدخان السجائر بشكل مباشر، وهو ما يعرضهم للإصابة بالأمراض ذاتها التي يصاب بها المدخنون.
وترتفع أعداد المدخنين في سورية بما يتراوح بين 1 إلى 1.5 في المائة سنوياً، كما تتزايد ظاهرة تدخين النرجيلة بين الرجال والنساء.
4700 مادة كيميائية سامة في الدخان .. و 15 بالمائة من طلاب الثانوي يدخنون
يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية قالت في دراسة لها ان التدخين يقتل أكثر من 4 ملايين إنسان سنوياً في العالم وهو مسؤول عن وفاة شخص واحد من كل 10 حالات وفاة.
ولفت الدكتور عبد الله خوري الأستاذ الأخصائي بأمراض الصدر في كلية الطب البشري بجامعة حلب في إلى أن دراسة منظمة الصحة توقعت بأن يصل عدد ضحايا التدخين إلى 10 ملايين ضحية سنوياً وبمعدل شخص واحد كل ثلاث ثوان في عام 2020 مبيناً بأن تعاطي السيجارة الواحدة تنقص العمر بين 5 إلى 20 دقيقة حسب مناعة الجسم مشيرة إلى أن معدل التدخين في سورية يساوي ضعف معدله في الدول المتقدمة في حين أن معدل الإقلاع عن التدخين في سورية هو نصف ما هو عليه في الدول المتقدمة.
وأوضح أن الدخان يحتوي على 4700 مادة كيميائية سامة منها 43 مادة أثبتت تأثيرها المسرطن ومن أهم هذه المواد النيكوتين والقطران وأول أوكسيد الكربون وسيانيد الهيدروجين والزرنيخ والبنزن والكادميوم وغيرها لافتاً إلى خطورة التدخين السلبي على مختلف شرائح المجتمع فهو يسبب الإجهاض وموت الجنين أو نقصان وزن الوليد وزيادة احتمالية إصابته بتشوهات خلقية .
ومن جهته بين الدكتور فؤاد محمد فؤاد مدير المركز السوري لأبحاث التدخين بحلب أن معدل التدخين الحالي بين السكان بالنسبة لمدخني السيجارة من الرجال 56.9 بالمئة مقابل 17 بالمئة بالنسبة للنساء ، اما بالنسبة للنرجيلة فأن نسبة تعاطيها بين الرجال تبلغ 20.2 بالمئة مقابل 4.8 بالمئة من الإناث ويصل معدل الاستهلاك اليومي من السجائر20.8 سيجارة.
ولفت إلى أن معدل تدخين السجائر بين طلاب مدارس المرحلة الثانوية هو 15 بالمئة بالنسبة للطلاب ، و7.8 بالنسبة للطالبات .
ومعدل التدخين بين الأطباء 40 بالمئة و 12 بالمئة للطبيبات، 52 بالمئة بين المعلمين و 13 بالمئة بين المعلمات .
وفي دراسة سابقة للمركز اجراها على طلبة جامعة حلب أظهر أن 30.9 من الطلبة هم مدخنون مقابل 13 من الطالبات.