الأبقار و الغزلان
فريق العلماء اعتمد على صور من جوجل ايرث
المجال المغناطيسي هو مجموعة من الخطوط الوهمية الممتدة من القطب الشمالي إلي القطب الجنوبي من الكرة الأرضية، وتستخدمها الطيور وبعض الأسماك والحيوانات كبصلة تعتمد عليها لتحديد اتجاهها أثناء هجرتها عبر آلاف الأميال، لترشدها إلى المكان الذي تهاجر أو تعود إليه. وحتى وقت قريب كان العلماء يعتقدون أن استخدام المجال المغاطيسي يقتصر على الطيور والأسماك فقط، لكن فريق بحث ألماني توصل إلى أن ....
الأبقار والغزلان ترعى وتنام موجهة رأسها من الشمال إلى الجنوب وفسروا ذلك بالشعور بالمجال الغناطيسي للأرض مثل الطيور تماما.
واهتم الباحثون تحت إشراف الأستاذة زابينه بيجال من جامعة ديوسبورج ايسن الألمانية بهذه الظاهرة بعد تحليل 308 من الصور التي التقطها برنامج "جوجل ايرث" لمراع في أماكن مختلفة من العالم تضم 8510 أبقار.
وفسرت الأستاذة بيجال في دراستها -التي نشرتها مجلة "بروسيدنجس" الصادرة عن الأكاديمية الأمريكية للعلوم - هذا التصرف بشعور مغناطيسي لدى البقر، وتوقعت بيجال أن يكون سبب ذلك هو تأثير نفسي داخل جسم الأبقار ربما تعلق بإنتاج اللبن.
وأشارت الباحثة الألمانية إلى أن فريقها قرر محاولة معرفة ما إذا كان لدى حيوانات ثديية كبيرة مثل الأبقار إحساس مغناطيسي مثل الموجود لدى الطيور، وقالت إن زملاءها عثروا على تلك الحاسة بمساعدة الصور التي التقطها برنامج "جوجل ايرث" وأشارت إلى الأهمية البالغة لهذه الصور.
وأكدت بيجال أن هذه الصور أكدت استبعاد تأثير عنصري الرياح والشمس على هذه الظاهرة بشكل تام، مشيرة إلى أن الحيوانات كانت ستستدير مع دوران الشمس لو كان للشمس تأثير على اتجاهها.
وأشارت الباحثة الألمانية إلى نتائج دراسة أخرى أجريت في جمهورية التشيك، وأكدت حرص الغزلان على اختيار مكان محمي تستطيع فيه النوم باتجاه شمال جنوب.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت نفس الحاسة المغناطيسية متوفرة لدى الإنسان، ويعتزم فريق الباحثين الألمان دراسة هذه الظاهرة لدى ثدييات أخرى مثل الأغنام والخيول والخنازير البرية.
واشار الباحثون الى ان البشر وحتى الحيتان قد يكون لديها بوصلة مغناطيسية بالفطرة، حيث ترجح بعض الدراسات ان البشر الذين ينامون في وضع يتماشى مع محور الشرق - الغرب تكثر لديهم حرکة العين السريعة او دورات النوم التي تحدث فيها الاحلام، وذلك مقارنة بالذين ينامون بمحاذاة محور الشمال - الجنوب.
بوصلة الطيور :
وعن كيفية استخدام الطيور للمجال المغناطيسي، نجحت دراسة بريطانية أمريكية مشتركة فى تقديم دلائل على امتلاك الطيور بوصلة كيميائية، تستعين بالمجال المغناطيسى للأرض، فتمكن الطائر من تحديد الوجهة التى يقصدها.
وكانت دراسات سابقة أظهرت أن الكائنات المختلفة كالطيور، والزواحف، والحشرات، والأسماك وبعض القشريات، بالإضافة إلى عدد من الثدييات، تستعين بالمجال المغناطيسى للأرض، بالرغم من ضعف شدته، لتحديد الجهة التى ستقصدها، حيث أشارت إلى بعض الآليات المحتملة التى تفسر هذه القابلية عند الكائنات، إلا أن أحداً لم يتمكن من توضيح الكيفية التى تمكن تلك المخلوقات، من رصد واستخدام هذا المجال المغناطيسى الضعيف بشدته.
وأوضح فريق البحث نظريتين أثنتين؛ الأولى ترجح استخدام تلك المخلوقات أملاح مغناطيسية فى أجسامها؛ "فتستشعر" اتجاه المجال المغناطيسى للأرض بالرغم من ضعفه، والثانية تلمح إلى أن هذه الكائنات "ترى" المجال المغناطيسى بواسطة عينيها، ما يقتضى حدوث تفاعلات كيميائية معينة فيها، تتأثر باتجاه خطوط المجال المغناطيسي.
وقد أثبتت التجارب ولأول مرة، أن بعض الأنظمة الكيميائية يمكنها أن ترصد مجالات مغناطيسية ضعيفة، لتمكن الفرد من الاستدلال على الجهات بحسب موقعه، وتحديد وجهته، الأمر الذى يمكن وصفه بامتلاك بوصلة الكيميائية.
ويأمل فريق البحث مستقبلاً فى إجراء تجارب تستهدف مركبات "الكريبتوكروم"، الموجودة فى عيون الطيور، لتقييم استجابتها للمجالات المغناطيسية المماثلة.
ويعلق البروفيسور "هوري"على النتائج قائلاً: "تلجأ الطيور إلى تفاعلات كيميائية مشابهة فى الشبكية - داخل العين- حيث يمكن للتفاعلات الضوئية الكيميائية أن تؤدى إلى إرسال إشارات عصبية، تساعد الطيور على تحديد وجهتها".
واكتشف باحثو ألمان أيضا أن الطيور المهاجرة يمكنها ان ترى المجال المغناطيسي عبر خلايا عصبية متخصصة في العين حساسة للاتجاه المغناطيسي اتضح للمرة الأولى أنها متصلة عبر ممر معين بالمخ بمنطقة في مقدمة الدماغ عند الطيور مسؤولة عن الرؤية.
وقد بدأت أبحاث يجريها دومينيك هايرز وزملاؤه بجامعة اولدنبرغ في ألمانيا في حل هذه الآلية على المستوى التشريحي للخلايا العصبية، حيث أظهرت ان العين لها دور أساسي.
ويبدو أن الجزيئات التي تحس بالمجال المغناطيسي في العين والتي تعرف باسم "مجموعة مستقبلات صور الضوء الأزرق" تحاكي عمل مستقبلات الصور اعتمادا على اتجاه المجال المغناطيسي، حيث أكد الباحثون ان هذا يوحي بقوة بأن الطيور المهاجرة تتعرف على المجال المغناطيسي بشكل مرئي.
واكتشف علماء ألمان وجود معادن حديدية في مناقير بعض الطيور والتي قد تعمل كمقياس لقوة المجالات المغناطيسية مما يسمح للطيور بتوجيه دقيق في مسارها.
وبالرغم من إدراك العلماء منذ فترة طويلة أن الطيور يمكنها استخدام المجال المغناطيسي لكوكب الأرض لتحديد اتجاهاتها، إلا انهم لم يكتشفوا مصدر هذه القدرة.
ولكن أبحاثاً جديدة أجرتها جيرتا فلايسنر وزملاؤها في جامعة فرانكفورت كشفت وجود مواد تحتوي على الحديد في مناقير الحمام الزاجل، الأمر الذي يبشر بتسليط ضوء كاشف على هذا الموضوع المعقد.
ووجد العلماء في هامبورج باستخدام مصدر قوي للاشعة السينية، جزيئات تحتوي على الحديد في نهايات اعصاب داخل البطانة الجلدية للمنقار العلوي للحمام الزاجل.
والمثير في هذه الدراسة أن فريق العلماء اكتشف أن الاعصاب الطرفية المليئة بالحديد منسقة بطريقة معقدة ثلاثية الابعاد تتماشى مع القدرة على تحليل المكونات الثلاثة للمجال المغناطيسي لكوكب الأرض.