رضي الله عنه
اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة "
حديث شريف
هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة سيد الخزرج ، أسلم مبكرا وشهد بيعة العقبة
والمشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، سخر أمواله في خدمة الإسلام وكان
يسأل الله قائلا
اللهم إنه لا يصلحني القليل ، ولا أصلح عليه )000حتى أصبح مثلا
بالجود والكرم 000
تعذيب قريش له
علمت قريش بأمر الأنصار ولقائهم مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فلحقت بهم وأدركت سعد بن عبادة أحد الاثنى عشر نقيبا ، وأخذوه وربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله ، وأدخلوه مكة وهم يضربونه ، يقول سعد
فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش ، فيهم رجل وضيء أبيض ، شعشاع حلو من الرجال ، فقلت في نفسي : إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا000فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة فقلت في نفسي : والله ما عندهم بعد هذا من خير !000فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم فقال
ويحك ! أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد ؟)000فقلت
بلى والله لقد كنت أجير لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف تجّاره ، وأمنعهم ممن أراد ظلمهم ببلادي ، وللحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف )000قال
ويحك فاهتف باسم الرجلين ،واذكر ما بينك وبينهما)000قال : ففعلت وخرج ذلك الرجل إليهما ، فوجدهما في المسجد عند الكعبة ، فقال لهما
إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ويذكر أن بينه وبينكما جوار)000قالا
ومن هو ؟)000 قال
سعد بن عبادة)000قالا
صدق والله ، إن كان ليجير لنا تجارنا ، ويمنعهم أن يظلموا ببلده) 000فجاءا فخلصا سعد من أيديهم ، فانطلق ، وكان الذي لكم سعدا سهيل بن عمرو العامري ، وكان الرجل الذي آوى إليه أبا البختري بن هشام000
راية الأنصار
يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-
كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المواطن كلها رايتان ، مع علي بن أبي طالب راية المهاجرين ، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار )000
يوم الفتح
كانت شخصية سعد تتسم بالشدة والقوة ، ففي يوم فتح مكة جعله الرسول -صلى الله عليه وسلم- أميرا على فيلق من جيش المسلمين ، ولم يكد يصل الى مشارف مكة حتى صاح
اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة )000فكأنه عندما رأى مكة مستسلمة لجيش الفتح ، تذكر كل صور العذاب الذي صبته على المؤمنين وكان ذنبهم أن يقولوا : لا إله إلا الله ، فدفعه الى توعدهم000فسمعه عمر بن الخطاب وسارع الى النبي قائلا
يا رسول الله ، اسمع ما قال سعد بن عبادة ، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة )000فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عليا كرم الله وجهه أن يدركه ، ويأخذ الراية منه ، ويتأمر مكانه000
يوم حنين
أعطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما أعطى من العطايا ولم يكن للأنصار منها شيء ، حتى كثرت منهم القالة ، وقال قائلهم : ( لقي والله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قومه )000وقال سعد للرسول
يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء )000فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-
فأين أنت من ذلك يا سعد ؟)000قال : ( يا رسول الله ما أنا إلا من قومي )000قال : ( فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة )000فلما اجتمعوا أتاهم الرسول -صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه وقال : ( يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ! ألم آتكم ضُـلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ! )000فقالوا : ( بلى ، الله ورسوله أمـن وأفضـل )000ثم قال
ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟)000قالوا
بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل !)000قال -صلى الله عليه وسلم-
أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصَدقتم ولصُدّقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لُعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكَلْتكم الى إسلامكم ! ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله الى رحـالكم ؟ 000 فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجـرة لكنت أمرأ من الأنصـار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار ! اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار )000فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا وسعد معهم
رضينا برسول الله قسما وحظا )000
يوم السقيفة
ولما قبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- انحاز بعض الأنصار الى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة منادين بأن يكون خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وخطب فيهم سعد -رضي الله عنه- موضحا أحقية الأنصار بذلك ،ولكن لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد استخلف أبا بكر على الصلاة أثناء مرضه ، فهم الصحابة أن هذا الاستخلاف مؤيدا لخلافة أبي بكر000وتزعم عمر بن الخطاب هذا الرأي000وسارع أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم- إلى الأنصار ، واشتد النقاش حول أحقية الخلافة ، وخطب أبوبكر الصديق خطبة بين فيها فضل المهاجرين والأنصار وقال في خاتمتها
هذا عمر وهذا أبوعبيدة فأيهما شئتم فبايعوا)000 فقال الاثنان
لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك )000 ثم قال عمر
ابسط يدك نبايعك )000فسبقهما بشير بن سعد -رضي الله عنه- وهو من كبار الأنصار وبايع أبا بكر وتلاه عمر وأبو عبيدة ، فقام الحاضرون من الأنصار والمهاجرين فبايعوه000وفي اليوم التالي اجتمع المسلمون في المسجد وبايعوه بيعة عامة000
خلافة عمر
في الأيام الأولى من خلافة عمر -رضي الله عنه- ، ذهب سعد الى أمير المؤمنين ، وقال بصراحته المتطرفة
كان صاحبك أبو بكر -والله- أحب إلينا منك ، وقد -والله- أصبحتُ كارهاً لجوارك )000فأجاب عمر بهدوء
إن من كره جوار جاره ، تحول عنه )000وعاد سعد فقال
إني متحول إلى جوار من هو خير عنك )000وبهذا أراد سعد ألا ينتظر ظروفا قد تطرأ بخلاف بينه وبين أمير المؤمنين ، خلاف لا يريده ولا يرضاه000
وفاته
شد سعد بن عبادة -رضي الله عنه- الرحال إلى الشام ، وما كاد أن يبلغها وينزل أرض حوران حتى دعاه أجله وأفضى إلى جوار ربه الرحيم000