زواج الأعراق غير البيضاء يذيب مفهوم

كشفت سجلات إحصاء سكاني جرى عام 1998م لم يكشف النقاب عنه إلا


أخيراً، عن وجود أكثر من 3.1 مليون قران بين أعراق مختلفة في
الولايات المتحدة


الأمريكية. وكان أحدث تلك
الزيجات ما شهدته أمريكا حيث تم زفاف التايوانية
الأمريكية
"غريس تساي" من الياباني الكندي "ريتشارد تسويوكي" وكان
حفلاً غريباً


ومبتكراً ومرهقاً للعروسين في
ذات الوقت. مراسيم جنونية فبعد مراسم الزواج في كنيسة
كاثوليكية
رومانية في ولاية نيوجيرزي انتقل حفل الزفاف بسرعة إلى قاعة الاحتفالات


في مدينة تشايناتاون في ولاية فيلادلفيا، وكان هناك رقصات الفالس
وكعكعة الزفاف


والتطويح بباقة الزهور التي
تحملها العروس، ثم توارت العروس "غريس تساي" التي أصبحت


السيدة غريس تسويوكي في غرفة خلفية حيث خلعت رداءها الأبيض لتعود
مرتدية رداء


تشيباو الصيني وذلك لحضور حفل
شاي كما جرت العادة، وفي الوقت الذي كان فيه الضيوف
يتناولون
وجبة صينية من 14 طبقاً مختلفاً، هرولت "غريس" إلى غرفتها لترتدي
ثوباً


يابانياً مزخرفاً، ثم عادت مرة
أخرى لحضور التقليد المتبع بتناول مشروب الساكي
الياباني،
وقالت "غريس" معلقة في نهاية الحفللقد كانت أحداث اليوم جنونية
ومرهقة،


ومع ذلك كانت مهمة لنا لإذابة
ثقافتينا المختلفتين معا ). زواج غريب ومع ازدياد
تنوع
السكان في الولايات المتحدة من غير البيض، يتزايد عدد الزيجات بين الأعراق


المختلفة بسرعة، فيتزوج واحد من كل ستة آسيويين – أمريكيين
تقريباً من أسيوية –


أمريكية ذات أصول عرقية
مختلفة، ويتزوج الأمريكيون من أصول لاتينية فيما بينهم
بأعداد
مماثلة. يقول "لاري شيناغوا " الخبير في الشؤون الديموغرافية: (لأننا
مجتمع


مهووس بفكرة الانتماء إلى جنس
معين، فإن الزواج بين أعراق مختلفة يقع تحت غطاء من
عدم
الوضوح، ولكن هذه الزيجات تعيد في الواقع تشكيل مفهومنا عن العرقية ). جوانب


إيجايبة وعدم الوضوح هذا له جوانبه الإيجابية، حيث يرى معظم
الأمريكيين أن الملامح
التي
تميز "غريس وريتشارد" – على سبيل المثال – على أنهما من عرقين مختلفين
في آسيا (شكل العيون واستدارة الوجه) لا
يمكن ملاحظتها مطلقاً، ولكن افتراض الترابط الثقافي
قد
يكون مزعجاً أيضاً، و يقول "ريتشارد" في هذا الصدد: ( إن الناس ينظرون
إلينا


فيرون أننا آسيويان بصورة
عامة، بينما يتعين علينا أن نتعامل مع التناقضات الثقافية


مثل أي زوجين آخرين يرتبطان بزواج مختلط). وتظهر اختلافاتهما في
أوضح صورها عندما


يتعاملان مع الأسرة، فعلى
الرغم من أنّ "غريس" نشأت في مدينة بوردنتاون في ولاية


نيوجيرزي، كانت حياتها في بيتها حياة تايوانية تقليدية تطغى
عليها أسرة كبيرة يعيش
جميع
أفرادها في المنزل ذاته حيث الكثير من الثرثرة والصخب المتسم بالخشونة أحياناً


فيما تربى ريتشارد في عائلة يابانية متشددة في مدينة "وينيبيج"
في كندا، حيث الأب


مصدر السلطة الوحيد، وكان
الاندفاع العنيف من جانب أقارب "غريس" المفعمين بالحيوية


والنشاط يبدو لـ"ريتشارد" أحياناً وكأنه ضرب من
الفوضى، ومن جهة أخرى كان من الممكن
أن
يتسبب تصرف "ريتشارد" المتحفظ أحياناً من دون قصد في شعور الآخرين
بالإهانة، أما


بالنسبة لـ"غريس" فكانت
الظروف الدقيقة المميزة للثقافة اليابانية المتسمة بانعدام


المباشرة تشكل مصدر إحباط لها بقدر ما يتسبب فيه تعلم لغة أجنبية
من إحباط، وتقول


في هذا الصدد، إن عبارة (أريد
شيئاً) ليست جزءاً من أسلوبهم التقليدي. ذكرى مؤلمة
ولكن
جسر الهوة الثقافية بالنسبة إلى زوجين مثل أسرة تسويوكي هو أمر يتجاوز مجرد


الحفاظ على الوئام الأسري. فعلى مستوى معين، قد يكون الأمر متعلقاً
بنبذ عادات


وتقاليد وخبرات العالم القديم،
والإلمام بهوية أمريكية مشتركة، فقبل جيل كان من شأن
مثل
زواجهما أن يعد عملاً شائناً للأقارب الذين يحتفظون بذكرى أليمة من سنوات الحرب


والاحتلال. الجدود المستقبليون لأبنة "ريتشارد وغريس "
أذعنوا لما يعتبرونه عملية
ذوبان
ثقافي لا مفر منها، و يقول والد غريس "سونغ تساي " – 61 عاماً – (لنواجه


الحقيقة ما بعد الجيل الثالث، ستتم أمركتهم، إنه أمر طبيعي، فهل
الطفل سيكون جزءاً


من بوتقة الانصهار). ويفكر
ريتشارد ملياً ويقول: (ما الذي سيحدث إذا كبرت أبنتنا
وتزوجت
من فليبيني –كوري؟

شكرا على جهودك

عفوا