كشف استطلاع رأيٍ عام عن تمسك غالبية الأتراك بفكرة الدين كأوليَّة حياتية، رافضين الأنماط الليبرالية للعيش فضلاً عن حذرهم من الغربيين، وهو ما يؤكد على واقعية بعض المسلسلات التركية التي أبرزت نزوع بعض الأبطال كأسمر في أحداث "وتمضي الأيام" الذي إلى المسجد كمحاولة للخلاص من الخطايا.
الاستطلاع الذي نشرته صحيفة "ميلييت" وأجرته جامعة بهجشهير في إسطنبول على عينةٍ من 1715 شخصًا يُظهر أن 62% من المستطلعين يعتبرون أن الديانة هي القيمة العليا، بينما تحل العلمانية في المرتبة الثانية (16%)، والديمقراطية في المرتبة الثالثة (13%).
وتتوافق هذه النتائج مع النماذج الدرامية التي طرحت في بعض المسلسلات التركية، إذ إن تمسك ساروهان هانيل الشهير بأسمر بفكرة الدين لم يقتصر على أحداث المسلسل فحسب، بل إنه على مستوى الواقع أكد أنه إنسان ملتزم بالصلاة، وقال من قبل لموقع mbc.net إن الصلاة تمثل خطًّا أحمر، فهي مقدمة على أي شيء آخر، والسجود لله من وجهة نظره فيه غسيل للروح وضبط للنفس، حتى لا تعلو عن الأرض مهما بلغ شأنها.
كما ترك أسمر تصوير كليب "جرح" لديانا كرزون في الأردن، ليذهب إلى أداء صلاة الجمعة، وسط جموع المصلين الذين احتفوا به.
وليس أسمر وحده الذي يبدو متمسكًا بالدين أو يرفض القيم الغربية للعيش في الدراما التركية، بل إن مسلسل "ميرنا وخليل" الذي تعرضه قناة MBC يكشف عن فكرة تمسك عائلة ميرنا بقيمة الشرف كأحد أبرز القيم في المجتمعات المحافظة التي تختلف عن المنظومة الليبرالية الغربية، عندما رفضت هروب ابنتها لتلحق بحبيبها "خليل"، بما يعكس واقعًا حقيقيًا في المجتمع التركي.
نزوع نحو المحافظة
من جهةٍ أخرى، يؤكد الاستطلاع الذي نشرته تفاصيله صحيفة النهار اللبنانية على أن ثمة نزعًا وتحفظًا لدى الأتراك تجاه السلوكيات غير الإسلامية، حيث قال 62% إن على المرأة المسلمة أن تغطي شعرها عندما تخرج من المنزل، وفي رأي 58% أنها ترتكب "إثمًا" عندما ترتدي لباس البحر.
ولا يرغب 72% في جيران يحتسون الكحول، ولا يريد 66% جيرانًا غير مؤمنين، ويرفض 67% العيش إلى جانب أزواج غير متزوجين رسميًا.
واستنادًا إلى هذا الاستطلاع، لا يستسيغ 64% من الأتراك العيش إلى جانب جار يهودي، ولا يحبِّذ 52% فكرة العيش إلى جانب مسيحي، ويرفض 42% العيش إلى جانب أمريكي، ولا يريد 26% العيش إلى جانب أي شخص من عِرق يختلف عنهم.
وبيّن الاستطلاع أيضًا أن غالبية كبيرة تراوح بين 76 و86% تعتبر بدرجات مختلفة أن الاتحاد الأوروبي (الذي تسعى تركيا إلى الانضمام إليه)، والولايات المتحدة (الحليفة لتركيا في حلف شمال الأطلسي) يعملان على تقسيم تركيا.
وعلى رغم هذه الاتجاهات المحافظة، تخوّفت غالبية الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع من الإسلام الراديكالي، كما من الأخطار التي تهدد الديموقراطية، مع قول 69% إن الحركات الإسلامية تشكل تهديدًا كبيرًا لتركيا.
دراما واقعية
وتعكس هذه النتائج –بحسب وجهة نظر البعض- مؤشرًا على أن الدراما التركية تصيغ واقعًا حقيقيًّا وليس مصطنعًا؛ إذ إن ثمة تغيرات تشير إلى وجود مجتمع محافظ يتمسك بالقيم الأصيلة كما أظهرت مسلسلات مثل "قصة شتاء" و"الحلم الضائع"، والأجنحة المنكسرة" ، كما أن الصورة الذهنية العربية عن تركيا العلمانية التي وقرت في ذهن البعض تعرضت إلى تغيرات.
يذكر أن الدراما التركية التي بدايةً من مسلسلي "سنوات الضياع" و"نور"، واللذين أتبعا بمسلسلات "لا مكان لا وطن" و"لحظة وداع" و"وتمضي الأيام"- قد حققت نجاحًا جماهيريًّا لافتًا، وكشف عن ذلك أراء المشاهدين والنقاد في شتى وسائل الإعلام، واستطلاعات الرأي التي أكدت أنها حققت أعلى نسب مشاهدة.
وأرجع بعضهم نجاح الدراما التركية إلى تقارب العادات التركية من العربية، فيما أرجعها آخرون إلى نجاح الدبلجة السورية، وأكد المشاهدون أن الرومانسية والتناول الإنساني الجيد للقصة، والأداء المتميز للممثلين هي أهم أسرار نجاح الدراما التركية