دعاء القنوت ، معناه وحكمه
السؤال
ماهو دعاء القنوت؟ وهل هو واجب في صلاة الصبح؟ وما حكم تركه؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقنوت: بالتاء هو الدعاء والطاعة ، وهو السكوت ، وهو أيضا طول القيام في الصلاة . وقنت الرجل : أي دعا على عدوه، وقنت : أطال القيام في صلاته . وأفضل الدعاء في القنوت ما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: "اللهم أهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت". رواه أبو داود والترمذي وحسنه. وعن عمر رضي الله عنه أنه قنت في صلاة الصبح فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكافرين ملحق . اللهم عذب الكفار أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك" رواه عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في شعب الإيمان. والقنوت سنة في الوتر في جميع أيام السنة ، قاله أحمد وغيره، والأفضل أن يكون بعد الركوع ، وإن كان قبل الركوع فلا بأس ، لما روى حميد قال: سئل أنس عن القنوت في صلاة الصبح فقال "كنا نقنت قبل الركوع وبعده" أخرجه ابن ماجه. وأما القنوت في صلاة الصبح فقد اختلف الأئمة رحمهم الله في مشروعيته فذهب أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله إلى أنه لا يسن القنوت في صلاة الصبح ولا في غيرها من الصلوات سوى الوتر. لما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه. وعن أبي مالك قال : قلت لأبي إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة نحوا من خمس سنين أكانوا يقنتون في الصبح ؟ قال : أي بني محدث. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم. وذهب مالك والشافعي إلى أن القنوت في صلاة الصبح سنة في جميع الزمان ، لأن أنسا قال: ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا . رواه أحمد، وكان عمر رضي الله عنه يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة وغيرهم. والخلاف في ذلك يسع الجميع ، لأنه من الخلاف المعتبر ، ولا ينكر فيه على المخالف. ويسن أن يسجد للسهو إن ترك القنوت عند بعض من قال بسنيته في صلاة الصبح.
والعلم عند الله.
تخصيص يوم في العام للاحتفال بعيد الأم من البدع والمحدثات
السؤال
هل يعتبر عيد الأم عيدا إسلاميا ؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما يعرف بعيد الأم، والذي يحتفل به كثير من الناس في الحادي والعشرين من مارس هو من جملة البدع والمحدثات التي دخلت ديار المسلمين، لغفلتهم عن أحكام دينهم وهدي شريعة ربهم، وتقليدهم واتباعهم للغرب في كل ما يصدره إليهم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق عليه.
ولم تأت بدعة محدثة من البدع إلا وهجرت أو أميتت سنة من السنن ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة" رواه أحمد. مصداق ذلك أنك ترى الرجل غير بار بأمه، لا يصلها إلا قليلاً ، فإذا كان هذا اليوم، جاءها بهدية، أو قدم لها وردة، ويظن في نفسه أنه بذلك قد عمل الذي عليه تجاهها.
و قد استفاض العلم بأنه لا يجوز إحداث عيد يحتفل به المسلمون غير عيدي الأضحى والفطر، لأن الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك، قال تعالى: ( لكل أمة جعلنا منسكاهم ناسكوه) [الحج:67 ].
ومن أحدث هذه البدعة إنما أحدثها تعويضاً عن تقصير مجتمعه في حق الأم، وانقطاع روابط الود والصلة، فأحب أن يكرمها، و يرد إليها شيئاً من حقها، فعمد إلى إحداث هذا اليوم لتحتفل به الأسر تكريماً لها. فكانوا كمن سكت دهراً ونطق نكراً. وماذا يغني عن الأم يوم في السنة، وبقية العام تكون نزيلة ملجأ أو نديمة كلب أو هرة، هما أوفى لها ممن رضع من ألبانها وتربى في حجرها… ولعل من الطريف أن ننبه إلى أن الأم من جهتها كانت شريكة في صناعة هذا العقوق، لأنها كانت بنتاً، وكانت تمارس ذات الأسلوب مع أمها، والبر سلف - كما يقال -.
و الاحتفال بالأم وتكريمها على هذه الطريقة المحدثة لن يعطيها عشر معشار ما كفلت لها الشريعة المطهرة من الحقوق، وكيف يمكن ذلك ، وقد أمر الله جل وعلا ببرها والإحسان إليها الدهر كله، وجعله حقا لها وهي على قيد الحياة، وعندما تكون في عالم الأموات ، ولم يجعل لهذا الإحسان يوما أو وقتا واحدا يحتفل فيه بها، ولم تأت شريعة من الشرائع بمثل ما جاءت به شريعة الإسلام.
وذكر حقوق الأم في الشريعة باب يطول ، ويكفي التنبيه إلى أن الله تعالى أمر ووصى في مواضع من كتابه بالإحسان إلى الوالدين، وقرنه بالأمر بعبادته والنهي عن الشرك به، وأمر بالشكر لهما متصلاً بالشكر له، وخص الأم بالذكر في بعض هذه الوصايا للتذكير بزيادة حقها على الأب.
قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) [النساء: 36 ].
وقال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) [الإسراء: 23].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: يزيد البر بهما مع اللطف، ولين الجانب، فلا يغلظ لهما في الجواب، ولا يحد النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد، تذللاً لهما.
وقال سعيد بن المسيب في قوله تعالى: (وقل لهما قولاً كريماً) هو: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.
ولا يمنع من برهما والإحسان إليهما كونهما غير مسلمين أو عاصيين، قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) [لقمان: 15 ].
فأمر تعالى بمصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما، بل ومع أمرهما ولدهما بالكفر بالله تعالى.
عن أسماء رضي الله عنها قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش - إذ عاهدهم - فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبة - أي في بري وصلتي لها، وقيل: راغبة عن الإسلام كارهة له - أفأصلها؟ قال: "نعم صلي أمك" متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أبوك" متفق عليه.
فحقها مقدم على حق الأب ويزيد عليه بأضعاف ثلاثة.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم عقوق الأمهات، ومنعا وهات ووأد البنات" متفق عليه.
وروى البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عز وجل من بر الوالدة.
ولا يكون البر الذي أمر به الإسلام والإحسان إلى الوالدين حال حياتهما، بل إن صورة البر تكون بعد موتهما كذلك، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله هل بقى على من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما" رواه أبو داود.
فهذا هو الاحتفال بالوالدين - لا سيما الأم - الذي دعا إليه الإسلام وحث عليه ورغب فيه،
والناس بعد ذلك أحد شخصين: بار بأمه كما أمرته الشريعة المطهرة، فهذا لا يجوز له الاحتفال بهذا اليوم، لأنه بدعة، ولأن هدي الإسلام في هذا الباب أتم وأحكم.
وشخص لم يكن بأمه براً ، وهذا لن يكون بهذا الاحتفال وهذا اليوم باراً، بل هو ممن جمع بين العقوق والابتداع. لما سبق بيانه . والله أعلم.
ما يترتب على من أفطر خطأ
السؤال
أنا من السعودية من سكان مدينة جدة وعندنا الأذان يكون بعد نهاية أذان مكة المكرمة دائما وحدث يوم في رمضان أن أخطأ إمام المسجد وأذن بعد نهاية أذان المدينة المنورة وأذان المدينة يسبق أذان مكة بخمس دقائق وأفطرنا على أذان ذلك المؤذن مع العلم أنه كان أمامنا التلفزيون وهو موجه على مكة لكننا لم نجتهد في التأكد من حصول الأذان بمكة أم لا وأفطرنا فما حكم صيامنا هل نقضي ذلك اليوم أم لا؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من أفطر في نهار رمضان ظاناً أن الشمس قد غربت، ثم تبين له خلاف ظنه، فإنه يجب عليه القضاء عند جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة وغيرهم.
وذلك لما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم، ثم طلعت الشمس قيل لهشام - وهو رواي الحديث - فأمروا بالقضاء؟ قال: لابد من القضاء.
وروى مالك في الموطأ أن عمر بن الخطاب أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم، ورأى أنه أمسى وغابت الشمس، فجاءه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين طلعت الشمس، فقال عمر: الخطب يسير، وقد اجتهدنا. قال مالك: يريد بقوله: الخطب يسير، القضاء فيما نرى - والله اعلم - وخفة مؤنته ويسارته يقول: نصوم يوما مكانه. انتهى.
وعليه، فيجب عليكم قضاء ذلك اليوم الذي أفطرتم فيه، لتبين أن فطركم فيه كان قبل غروب الشمس.
والله أعلم.
يحرم جلوس المرء إلى مائدة يشرب عليها الخمر
السؤال
أعمل فى شركة أجنبية و سافرت إلى الخارج فى عمل و كنت أذهب إلى العشاء أو الغداء مع زملاء و مديرين أجانب و كانوا يشربون الخمر على الطعام و أنا لم أشرب معهم. فهل يقع علي ذنب لمجرد جلوسي معهم؟ و كيف أكفر عن ذنبى ؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على الموائد التي يشرب عليها الخمر ففي مسند أحمد وسنن الدرامي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر. " فدل الحديث على أن المؤمن يجب أن يردعه إيمانه عن الجلوس في الأماكن التي يعصى الله فيها، وذلك لأنه يخشى على هذا الجالس من نزول سخط الله عليه، والأحاديث صريحة صحيحة في لعن الخمر وشاربها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وقد يقع فيما هو أعظم من مجرد الجلوس كأن يقدمها لمن يشربها. أو يقربها إليه، وربما تجرأ فشرب، ولو بعد حين، وعلى العموم فإن النهي صريح في منع المؤمن من الجلوس على الموائد التي يشرب عليها الخمر حتى ولو لم يشربها ويقدمها لمن يشربها.
والله عز وجل يقول: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم)[النساء: 140] وتكفير مثل هذا الذنب بالتوبة إلى
التثاؤب في الصلاة مكروه
السؤال
ما حكم التثاؤب في الصلاة ؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
التثاؤب له حالتان: الأولى : الحالة التي يكون فيها التثاؤب اختياريا وقد نص العلماء على كراهة التثاؤب في هذه الحالة، سواء كان في الصلاة أو خارجها إلا أنه في الصلاة أشد كراهة، لما فيه من عدم الاعتناء بالصلاة وعدم استحضار معاني ما يقرأ من قرآن أو ذكر أو دعاء، ولمنافاته للخشوع الذي عرفه العلماء بأنه: الخوف الناتج عن استشعار الوقوف بين يدي الله تعالى، وعلى من ابتلي بهذا أن يبادر إلى سد فمه ولو بيده. الثانية: التثاؤب الاضطراري، ولا شك أن المرء غير مكلف في هذه الحالة لأنها حالة اضطرار، إلا أنه مطالب فيها هي الأخرى بسد فمه، ولا شك أن تكررها يؤذن بعدم استشعار مراقبة الله لأن التثاؤب من الشيطان. ولا مكان للشيطان في قلب مشغول صاحبه بمناجات ربه، يشعر صاحبه بأن الله يراقبه، وأنه عليم بذات الصدور، وهو خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه ، وهو أقرب إليه من حبل الوريد.
لسحر موجود وله حقيقة ويمكن علاجه بإذن الله
السؤال
هل السحر موجود الآن ؟ ومن يتعامل به ؟ وهل أصيب الرسول صلى الله عليه وسلم بالسحر ؟ وكيف يمكن كشف السحر وما علاجه وما هي طريقة الوقاية منه ؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسحر: هو عُقَدٌ ورقى وكلام يتكلم به الساحر أو يكتبه ليعمل شيئاً في بدن المسحور أو عقله من غير مباشرة له. وللسحر حقيقة، فمنه ما يقتل ومنه ما يمرض وغير ذلك ولا يحدث إلا بإذن الله تعالى: ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله). [البقرة: 102]. وقال تعالى : ( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد). [ الفلق: 1-4] ، يعني السواحر اللاتي يعقدن في سحرهن وينفثن عليه ولولا أن له حقيقة لما أمر الله بالاستعاذة منه. وقد ثبت في صحيح الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله وإنه قال لها ذات يوم : " أشعرت أن الله تعالى أفتاني فيما استفتيته ؟ إنه أتاني ملكان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي فقال: ما وجع الرجل ؟ قال: مطبوب (مسحور) قال : من طبه؟ قال : لبيد بن الأعصم في مشط ومشاطة في جف طلعة ذكر في بئر ذي أروان". وكان سحره صلى الله عليه وسلم من باب التخييل فقط، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على بشرية النبي صلى الله عليه وسلم. والمرء قد يصاب بالسحر ويعلم أنه مسحور إذا تغير حاله ولا يدري ما سبب ذلك
وليس له سبب ظاهر، وعلاجه إما باستخراج السحر نفسه أو بقراءة القرآن على المسحور، بأن يقرأ بعض آيات من القرآن في إناء به ماء ويشرب ويغتسل بهذا الماء. فيقرأ سورة الفاتحة وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة والمعوذات والآيات[117ـ 122] من سورة الأعراف و [80-82 ] من سورة يونس وآية رقم 69 من سورة طه ، يقرأ تلك الآيات في ماء على النحو المذكور سلفا. وعلى المرء أن يواظب على الطاعات ويبتعد عن المعاصي والمحرمات ويكثر من ذكر الله ويحافظ على أذكار الصبح والمساء. والله تعالى أعلم